-->

قضية فلسطين جرح غائر في جسد الأمة الإسلامية

 قضية فلسطين جرح غائر في جسد الأمة الإسلامية 


بقلم د / عبدالعزيز البكير 


نقول لإبن زايد ولكل المطبعين مع كيان الإحتلال الصهيوني إن قضية فلسطين عند المسلمين جميعًا جرح غائر في جسد الأمة الإسلامية يشتكي جسدها الألم والسهر والحمة، أعظم توصيفًا لما يصيب الأمة الإسلامية فيتأثر بعضها البعض قوله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

أيضن المطبعين مع العدوان أنهم بآرائهم وأهوائهم يحققون العدل والأمن والسلامة للإسلام والمسلمين والله سبحانه وتعالى قد حدد مراجع للمسلمين الرجوع إليها في حال التنازع والإختلاف قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) ، ولا يتحقق الإيمان إلا بالإيمان والتسليم برسول الله صلَّ الله عليه وسلم فيما أمر وقال: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ، فالإيمان والإسلام الأخذ بما أمر رسول الله واجتناب عما نهى، قال تعالى: (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ، وقال تعالى: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) ، فمن أعدل بالمسلمين والناس أجمعين وأرحم بهم من الله ورسوله!، وقد أمر الله رسوله بالحكم بين اليهود أو الإعراض عنهم إن شاء قال تعالى: ( ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، وقد حذر الله نبيه وهو وأمة المسلمين   جميعًا أن يحكموا بما أنزل الله ولا يتبعوا أهواء الفاتنين والمنافقين، قال تعالى: (وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنۢ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ)، وقال تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) ، وإن الحكم بخلاف ما أمر الله ورسوله ظلم وضلالة وكفر وفسوق وصدق الله إذ يقول تعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) ، فالإسلام والمسلمين أمة منهج عدل الله ورسوله ما من قضية إلا وفي الكتاب والسنة أحكامها، وصدق الله إذ يقول: ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ) جلّ شأنه سبحانه وتقدس في علاه عن التقصير والتفريط المحيط علمه القائم عدله في كل نفس يحصيها ويكتبها من أعمال خلقه، وصدق الله حيث قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) صدق الله العظيم.

إن قضية فلسطين، والقدس، ومكة، والحرم النبوي، والمقدسات الإسلامية، والمشاعر الحرام، مقدسات وأوقاف إسلامية تخص كل مسلمة ومسلم في المجتمع الإنساني كله، وإن المساس والتفريط بها دعوة للفساد في الأرض ومحاربة لله ورسوله، ودعوة إلى الظلم والطاغوت والعودة إلى جاهلية أعظم من الجاهلية الأولى، التي أنتهت ببعثة ورسالة النبي محمد صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم الرحمة المهداة للعالمين رافع راية التوحيد ومحرر الإنسان من إستعباد أخيه الإنسان ومعلن إقامت دولة العدل والحق والمساواة بين بني الإنسان بمختلف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم وأعراقهم، القائل صلَّ الله عليه وعلى آله وسلم: (لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ - : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمُ ، وآدمُ من ترابٍ) ، إنه رسول الله وخاتم الأنبياء جاء بما جاء به أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم إبراهيم، وإسماعيل، وهود، ونوح، وإلياس، وإسحاق، ويعقوب، وسليمان، وداوود، وأيوب وموسى، وعيسى، وزكرياء ،ويحيى، كل الأنبياء والمرسلين مسلمين جاءوا بما جاء به من ختم تلك الرسالات والتصديق بحرية الإنسان وتحرير الإنسان من إستعباد الإنسان وتحرير عقله من الجهل وعبادة الأصنام والأزلام والأوثان.

إن قضية فلسطين والقدس والدين الإسلامي أمور كونية مقدسة يحفظها الله ويحميها المسلمون الذين وضعهم الله من أهل البأس والشدة والإيمان خلال الذياد ممن لا يخشون في الله لومة لائم، فلن يكون قرار ترامب وإرادة الصهيونية وتطبيع الإماراتيين، ومن طبع من العرب والمسلمين مع دولة الإحتلال الصهيوني فوق إرادة الله رب العالمين، ولن تغير إرادته وأحكامه فيما أراد من عباده من العبادة والتوحيد له سبحانه والإستخلاف للإنسان وحفظ كرامته وقيمه كإنسان كما أراد سبحانه وتعالى، وإن دين الإسلام ومقدساته قائمة باقية ما دام الليل والنهار يتعاقب والشمس والقمر وما دامت المئاذن تصدح بالتوحيد والأذان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج لبيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، وسيضل المسلمين قائمين على الأرض والدين والمقدسات، مؤمنين بالله ورسوله، ولن يضرهم من خالفهم.

إنني كمسلم أتساءل ماذا استفاد المطبعون في تطبيعهم مع كيان الإحتلال الصهيوني!، وكيف تطاوعهم أنفسهم على التطبيع مع محتل للأرض ومشرد للشعب الفلسطيني ومنكر لدين الله ومحاربًا له!، هل استفادوا من تطبيعهم شيء سوى ذل شعوبهم وتمزيق وحدة المسلمين وموالات الكفر من دون الله ورسوله!، كما أتساءل أين علماء المسلمين!، وأين دعاة الإسلام ومنظماته وأحزابه!، وأين القوميين العرب الذين ملأوا الدنيا ضجيجًا سياسيًا وإعلاميًا!!.

أما من يقاتل في فلسطين ويدافع عن مقدسات المسلمين ويذكر الإسلام والمسلمين بقضيتهم ويذود عنها هم أهل فلسطين أهل الرباط في سبيل الله إلى يوم القيامة، رافعي راية الجهاد والعزة والكرامة، إننا مع السلام الذي يتفق مع شريعة السماء التي جاء بها القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وصحف إبراهيم وموسى، إننا مع السلام الذي يوافق عليه كل الفلسطينيين ، يعيدون الشتات ويلمون الشمل ويقيمون الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، إننا مع السلام الذي يحترم الإتفاقيات والعود الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية والحل مع قوى الإحتلال، أي سلام ينتقص من حق الشعب الفلسطيني وأمنه وسيادته لن يكتب له النجاح، أي سلام لم يسلم به كل الأطراف، يحقق العدل والأمن والسلام والتعايش لن يجد طريقه إلى ما ترمي إليه قوى الإحتلال وأمريكا ودول التطبيع، ولن يرضى الله الظلم لعباده، ولن يسلم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بما يتخذ من قرارات أحادية منفردة بعيدًا عن قناعة الفلسطينيين وقرارات الشرعية الدولية، عاشت فلطين حرة كريمة عزيزة أبية، وعاش الإسلام والمسلمين على الحق والهدى أقوياء متماسكين، وعاش كل أحرار العالم وشرفائه المدافعين عن حقوق الإنسان وحرياته وكرامته الإنسانية، ولا نامت أعين الصهاينة المحتلين ومن ساندهم من الطغاة والمستكبرين والظلمة من العرب والعجم.

 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال